أما بعد،،،
فماذا يمكن أن تقوم به اللجنة التي تم تشكيلها بشأن النظر في الدراما العمانية وتطويرها؟ ماذا يرتجى من لجنة كهذه، والوضع الدرامي مترد في البلاد لأسباب كثيرة؟ بطبيعة الحال ليست اللهجة العمانية واحدة من مشكلاتها الأساسية برغم الذي يقوله البعض من أن اللهجة هي السبب! وهذا أمر عجب، لأننا رأينا الفنان جمال سليمان ممثلا لدور صعيدي، فهل اللهجة المصرية في صعيد مصر سهلة هكذا؟ ورأيناه في عمل آخر بلهجة أهل بورسعيد المصرية، فهل هذا لأن اللهجتين كانتا سهلتين؟ أم لأن فنانا كجمال سليمان قادر على أن يتقمص الشخصية المطلوبة بشكل جيد فيعطينا انطباعا جيدا بأنه ليس هو جمال سليمان الممثل السوري المعروف؟
ليس السبب اللهجة يا قوم، بل هناك أسباب أخرى: الممثل الذي لا يجيد إلا أن يتقمص شخصيته الحقيقية أو كرترا سهلا فقط كما هو سعود الدرمكي الذي عندما يؤدي شخصية أحد العجائز فإنه لا يعرف طريقا إلا إلى الشايب سلوم في سعيد وسعيدة، ولم يحدث في مرة أن رأيناه يؤدي شخصية الرجل العجوز بخلاف ذلك الرسم!
المشكلة الأكبر أن الدراما العمانية لم تنجب سوى سعود الدرمكي وصالح زعل، ولذلك نجدهما دائما هما صاحبا الحضور الأبرز في درامانا المسكينة، وحجة البعض أن أصحاب المواهب الجدد يتخلون عن المبادرة فيبدو منطقيا أن يتم اللجوء إلى الممثلين القديرين اللذين أمتعا المجتمع العماني في زمن انتهى الآن!
وهؤلاء لا يقولون بأن الممثل الشاب الجديد لا يريد أن يخسر مستقبله الوظيفي من أجل لقطة أو اثنتين لا تقدمان له لا فوما ولا بصلا! إذ الآن لم يعد الممثل العماني يفرغ ليقوم بمهمة التمثيل.
وثمة أيضا مشكلة النص الذي لم يستطع حتى الآن أن يتجاوز المتوقع، وظل حبيس الأفكار السطحية إياها، وظل كاتب النص ضعيفا في مستواه الذي يقدمه للناس، فماذا يرتجى إذن من الممثل الذي يقع عليه العبء الأكبر في الخروج بعمل جيد؟ بل ماذا يرتجى من مخرج ملزم بأن يقدم عملا في مدة معينة ووفق إمكانيات معينة، وبناء على توصيات من جهات بذاتها تقول له افعل ولا تفعل؟
ثم كيف يمكن أن يكون هناك ممثل عماني، أو مخرج عماني، أو فن عماني، وليس هناك مسرح؟ لا بناء ولا مضمون! وبرغم أن المسرح هو البناء الحقيقي لصناعة دراما جيدة في أي مكان من العالم، إلا أننا في عمان لا نوليه أي اهتمام ونصر على أن نلبسه دور الترفيه فقط، متناسين أن الشعوب المتميزة لديها مسارح جيدة، واعطني مسرحا جيدا أعطك شعبا مثقفا لم تقل جزافا!
نحن هنا لا نمتلك مسرحا بأي شكل من أشكاله، والمحاولات اليائسة التي لدينا لم تصنع ذلك البناء، بل ظل يدور في حلقة مفرغة، منتظرا أن تمن وزارة التراث والثقافة في بناء مسرح وإقامة مهرجان دائم له، وهي التي عندما تسلمت مسرح الشباب غضت الطرف عن مهرجان فرق مسارح الشباب، ولم توله أي اهتمام، مع أنه كان طول عقدين من الزمن وأكثر يؤسس لحراك فني في البلاد، بل فوق ذلك عندما أراد البعض أن يقدم عملا مسرحيا جيدا قوبل بالمطبات الكثيرة وفي النهاية بالمنع ليس من الوزارة ذاتها بل بناء على توجيه رقابة أخرى في البلد!
إن إصلاح ما هو غير صالح ولا متواكب مع العصر الحالي أمر ضروري من أجل أن نصنع حراكا مسرحيا ثقافيا جيدا في البلاد، ومن أجل أن تكون لدينا حركة درامية مميزة، ولذا فإنه من الضرورة بمكان أن تصلح المؤسستين الراعيتين للمسرح والدراما في البلد، وأن لا ينظر إلى المسرح على أنه مهنة من لا مهنة له..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق