أما بعد،،،
ففي رمضان يكثر الحلال والحرام، وما بينهما متشابهات أكثر تعقد المسألة في ظل الفضائيات التي هرمت هذا العام ولم تعد تغري أحدا بالمتابعة، فالخليجيون، الذين كانت لهم صولات وجولات في السنوات القليلة الماضية مثبتين للأخوة العرب أن الإبداع ليس حكرا على ما قد تعارفوا عليه بمسمى المركز، قد تاهوا هذا العام ولم يقدموا ما يغري الناس البسطاء على المتابعة، حتى إن أكثروا من الفلفل والبهارات المبكية على اعتبار أننا جيران واضحون للحضارة الهندية المعتمدة في بوليودها بالدرجة الأولى على البكاء! فبكائيات الخليجيين في مسلسلاتهم هذه المرة ومبالغاتهم في خدش الحياء وحتى تهريجهم لم يقبض على عين المشاهد ولا قلبه وإحساسه.
وأما الأخوة المبدعون في القطر السوري الشقيق فقد انكشفوا هذا العام، ووضح استسهالهم وعدم انفتاح أفق الإبداع الدرامي لديهم، إذ ظلت الحارة الدمشقية هي صاحبة الحضور الطاغي، بالأبطال إياهم الذين رأيناهم في حارات دمشقية أخرى، ويبدو أن عليهم أن يعيدوا الخلطة الخاصة بهم فالناس لم تعد تتابع بعدما كانت الصورة البصرية والأداء والفعل الدرامي سر أسرارهم الذي أزاح أسياد الدراما العربية، مذ أواسط الستينيات وحتى الانطلاق البشع الذي حدث للفضائيات العربية مع بدء الألفية الجديدة، المصريين الذين تعودنا على صورتهم الفنية وحبكتهم الإبداعية وقدراتهم المتنوعة، أزاحوهم إلى الجانب سيما مع ظهور مصطلح الكتابة لنجم أوحد قبل ما يقارب الثمان سنوات..
تسيدوا الأخوة السوريون في الدراما مدة من الزمن عندما لم يكن سواهم يقدم الدراما بطريقة مختلفة، ثم جاء الخليجيون ليعيدوا التوازن للمعادلة، ثم ظهرت الفضائيات برأس مال غالبه خليجي لتبني فصول إمبراطورية إنتاج جديدة تتحكم فيها رغبات جذب المعلن دون مراعاة لما يفترض أن تقدمه من رسالة فنية وإبداعية واجتماعية للمجتمع
تخلف المصريون، بسبب عدم قدرتهم على رؤية الدائرة من عمقها، ولأنهم ظنوا أنهم مازالوا قادرين على أن يسيطروا على الساحة، لكنهم عندما بدأوا يكتشفون السر أعادوا الأمور على نحو أو آخر إلى حيز التوازن لمثلث الإبداع العربي: خليجي، شامي، مصري، وبدأ الفنانون العريقون يكتشفون الخلطة الحقيقية لكسب عين المتفرج، خاصة في ظل التكرار الذي تمارسه الشاشة السورية، وإصرار الخليجيين على كشف عورتهم بنقاشاتهم الدرامية غير المنطقية والمبالغ فيها دون أن يلجوا حقيقة إلى عمق المسألة وكأنهم ما زالوا لا يعرفون ما يريدون..
وفي هذا العام انكشف الجميع وباتت الدراما العربية تمر بمرحلة مخاض حقيقية في ظل نور ومهند التافهين اللذين برغم تفاهتهما جذبا كل امرأة إليهم وكل مراهق!!
ماذا يمكن أن نرى في الغد؟ سنرى أمورا متشابهات يصعب أن نجد فيها الحلال من الحرام، ما دام ليس هناك وضوح للرؤيا، ولا وضوح للفكرة أصلا سوى تغذية القنوات الفضائية وشركات الإنتاج العربية بمال الإعلانات والتي أيضا لا تتوجه إلى الناس العاديين فهم فعليا لا يمكن أن يشتروا حجرا في جزيرة من جزر الإنسان الجديدة!
ويبدو أن الدراما العمانية برغم كل عللها ستكون لنا نحن العمانيين فرجتنا الأثيرة، وسننادي بعودة صالح وسعود حتى من تحت التراب لا قدر الله لأننا سنشتاق إلى أن لا يقطع على متعتنا إعلان سخيف ليس لنا، وسنشتاق إلى السذاجة والطرح البريء الذي يمارسه علينا جهازنا التلفازي الوحيد في البلد!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق