(مقال رفضته أسرة تحرير شرفات، لأنه يوجه نقدا ما!!)
منذ الأشهر الأخيرة في عام 2006م، في تلك السنة الثقافية، بدا أن مرحلة من التقهقر بدأ يعانيها ملحق شرفات في المجمل، لا لشيء، فقط لأن الكتاب المعتادين الذين ما فتئوا يطرزون صفحات الملحق بإبداعهم وكتاباتهم ـ التي أثبتت بلا شك أن العمانيين أيضا يمتلكون قدرة الكتابة وليسوا فارغين كما يحلوا لبعضهم أن يلصق ـ قد انصرفوا يائسين على ما يبدو من إيجاد حالة ثقافية صحية جيدة على صفحات الجرائد، بعدما وجدوا أصواتهم محاصرة ضمن أطر دائما ما تحاول أن تضيق على المبدع أينما كان، وبالذات في بلاد لا تعتبر الثقافة إلا ترفا زائدا لا حاجة للمجتمع له!
في هكذا مناخ نشأ تراجع هائل لملحق شرفات الذي كان الاسم الثاني من بعد مجلة نزوى يرتفع في كلام متابعي الثقافة من الخليج إلى المحيط ومن المحيط إلى الخليج (هذه النقطة بالذات ليست إدعاء زائفا وإنما حقيقة يمكن لمن يشكك بها أن يذهب للسؤال بين كثير من أوساط المثقفين العرب)
سبب هذا التراجع كما ذكرت، هو ذلك الانصراف المدهش والكبير لمن كانوا يكتبون في الملحق، أسماء لها رصيدها الإبداعي وثقلها الثقافي، ممن يتضايق البعض الآن من ذكرها حتى ضمن مقال عابر كهذا المقال، والذي لا أريد له شطبا من الوهلة الأولى بذكر تلك الأسماء الفاعلة، لأن أحدنا ليس بمقدوره إلا الإنصات لصوته الداخلي فحسب، ويظن كل الظن بأن الصوت الآخر ما دام مفتتا لفكرته هو، ونافيا لها ومضادا كبيرا لها، فإنه خطر ينبغي تجنبه وعدم ذكره (هذه ليست إشكالية ثقافية حاضرة عند مثقفينا الأعزاء أو من هم أنصاف مثقفين متحكمون على نحو أو آخر في ما ينبغي قوله أو ما لا ينبغي في الواجهة الإعلامية أيما كانت بل هي حالة موجودة في كل المجتمعات العربية، حيث ينزوي المثقف متخليا عن أدواره مكتفيا بالتزمت والتذمر وإبداء الحزن على وضعية مجتمع ضائع والتي يبددها بالدخول في أجواء السكر والشراب)
أيضا فإن الأمور المادية التي تم تقليصها عن البعض وسحبها من البعض الآخر، والمماطلة فيها وكأنما هذا الكاتب الذي يقدم كتاباته للملحق ليس عليه سوى أن يكتب دون أن ينتظر أجرا، وعندما يسأل يشار إليه بأنه مثقف مادي! ويتناسى المحرر المحاسب بأن الكاتب أيضا يجتهد في الكتابة من أجل يخص الملحق بمادة له وحده دون غيره، وبأن يساهم في رفع قيمة الجريدة التي تبحث عن إعلانات لكي تعيش هي الأخرى والتي لا تأتي إلا من خلال طرح مواضيع تجذب القارئ ومن خلال أسماء كتاب لهم جمهورهم الذي لن يتوانى في البحث عن الجريدة والقراءة لمن يحبه من الكتاب (هذه النظرية تبدو مفقودة في الإعلام العماني، فحتى المعلنون لا يفكرون هكذا بمقدار فكرتهم بأن كثيرا من إعلاناتهم هي دعم للجريدة وأيضا ابتعاد عن الألسن الصحفية!)
كذلك عدم وجود محرر ثقافي عارف بالعمل الصحفي وممارس جيد له وقادر على التعاطي مع مختلف الأوجه الثقافية والأطياف الكتابية دون انحياز لأحد دون الآخر، ودون تكاسل في العمل الصحفي، جعل من المحلق أيضا يتراجع تراجعا جعله يصبح كل أربعاء بلا أهمية واعتياديا أكثر من أي ملحق صحفي معني بالثقافة ينشر في الصحف الأخرى، بل إن المادة التي تنشر فيه في كثير منها تبدو أقل من مستوى صفحة بريد القراء، التي تهتم بدعم المحاولات الكتابية في طورها الأول وتدعم أولئك القراء الذين لا يفكرون سوى في إبداء الرأي في أمر ما، وفي حالات غالبة لا يسعى هؤلاء القراء العاديون لتطوير ما قد يبدو ملكات كتابية جيدة، ولا حتى محرر الصفحة إياها يعمل على دعمهم وتشجيعهم بكلمة قد تكون هي البارقة التي يحتاجها ذلك القارئ الكاتب العادي.
ونحن هنا لسنا في صدد الحديث عن مثل هذه الصفحة، بل كان مجرد تشبيه أعتذر مسبقا عن طرحه لكافة القراء العاديين، أعتذر عن مقولة أن ملحقا ثقافيا موجها للنخبة يتحول تدريجيا إلى ما يشبه صفحات بريد القراء!
هكذا تحول شرفات في نهايات العام الثقافي إلى ملحق ضعيف في مادته الثقافية وليس به محتوى صحفي ثقافي كالحوار والاستطلاع وقراءات الكتب والبحث وراء جماليات الأشياء (حتى في البدايات وإلى تلك اللحظة بدت هذه الاشتغالات الصحفية غير موجودة في المجمل، وهي كذلك لسبب يبدو جيدا، وهو جعل الملحق منبرا للمثقف العماني الذي لم يكن يجد أي منبر للنشر الثقافي الرصين، وأيضا يبدو عدم وجود كادر تحريري ثقافي مؤهل سببا واضحا لتلك القطيعة مع فنون صحافية يحتاجها ملحق كشرفات)
أنا شخصيا لم أعد متابعا جيدا للملحق، بل إنني تخليت عن تلك العادة: عادة أرشفة كل الأعداد في ملف خاص بها، والتي بدأت مذ كان محلق شرفات ملحق عمان الثقافي، مذ عام 1997م تحديدا، عندما كان يصدر كل خميس، ثم مع في بدايات الألفية الجديدة أصبح يصدر كل أربعاء، ثم حل الملحق الجميل شرفات ليكون شرفة ثقافية لا تطل على عمان فحسب بل على كثير من البلدان العربية.
في تلك اللحظات أيضا ظهر إلى الوجود هذا الملحق: أقاصي، وكانت النكتة: ملحق داخل ملحق وهي حالة لأول مرة تحدث في اشتغال صحفي!
لكن لم يكن من مانع ما دام المحلق الداخلي سيجعل من الملحق الكلي ملحقا ثقافيا جيدا بعدما توالت انكساراته في عام يفترض أنه عام ثقافي.. بل إن الجميل حقا هو أنه كان سيورد نصوصا قصصية وسردية، وحوارات صحفية، واستطلاعات وانتقاءات أدبية، وأخبارا معنية بالقاصين العمانيين، بشؤونهم وإبداعهم، وكذلك كان سيورد مقالات تبدو نقدية تسلط الإضاءة على تلك الإبداعات التي ينتجها القاصون وينشرونها!
كان يمكن أن يكون ذلك، ولكن واقعا كان أقاصي الملحق الداخلي يعاني في غالب الأحوال من ضعف مادته الثقافية، بل بكونه ملحقا ضمن ملحق كان يزيد من كمية سوء الملحق الكلي: شرفات، الذي يمر بأسوأ أيامه!
أقاصي كان يمكن له كملحق مختص أن يقدم شيئا مختلفا في الحراك الثقافي الصحفي، ولعل فرصته كانت في تقبل شرفات الملحق الكلي لصياغتين أخريين: الجسر ومن ثم نون، ملحقان داخليان أيضا، كان يمكن بوجودهما أن يظهر أقاصي بشكل أكثر قوة، وكذلك الملحق الكلي شرفات، ولكن الضعف العام الذي أيضا كان يساور الملحقين الإضافيين الجديدين، جعل سمة الضعف متلازمة للكل، وكأنما الحسنة تخص والسيئة تعم!
الكلام السابق لا ينفي أن الملاحق الثلاثة الداخلية كانت تشكل حالة صحفية جيدة في فكرتها العامة، وتقدم في كثير من الأحوال مادة ثقافية لا تقل جودة عما كان ينشر في شرفات الملحق الأصل قبل عدة أعوام، غير إن عدم وجود الدربة الصحفية والتفرغ الكافي جعل منها ملاحق تساهم بشكل أو بآخر في صنع ضعف عام، سيما في ظل الفكرة المستمرة إياها: ملحق داخل ملحق، وشكل داخل شكل!
هذا في حال التجزيء، لكن إذا ما نظرنا إلى الأمر بكلية، إلى شرفات على أساس أنه الملحق الأشمل الذي يمكن له أن يحتوي داخله ما يشاء من "ملاحق" ثقافية تقدم مادة جيدة، لقلت أيضا بأنه عموما ملحق مصاب بالضعف، ليس لأنه فقد بريق أسمائه التي كانت تكتب فيه فحسب، بل أيضا لضعف المستوى التحريري فيه، والاكتفاء في مرحلة معينة بالمقالات والنصوص فقط دون إضفاء صيغة تحريرية تمارس عمقا في الطرح، وتحاول أن تماشي تلك المقالات المطروحة، والتي على ما يبدو كان همها أن تعبئ الصفحات الفارغة فقط، سيما عندما يكون العدد فارغا من أحد الملاحق الداخلية الثلاثة.
ضعف الإخراج الصحفي، وافتقاره للجماليات الفنية الحقيقية جعل الأمور تزداد سوءا وضعفا سواء من حيث الإخراج العام، أو من حيث استقلالية الملاحق الداخلية الثلاثة في صيغتها الإخراجية محاولة الخروج من ربقة شرفات وإيجاد كينونة خاصة بها.
وكما أعرف أن الإخراج الصحفي ضرورة ملحة من أجل جذب القارئ للمادة، حتى إن افترضنا أن تلك المادة ضعيفة المستوى، فالمهم هو الشكل العام قبلا، والناس لا تقرأ المادة بل يجذبها الشكل المتناسق قبل كل شيء كما أفترض، وعلى الأقل هذه وجهة نظري.
إذن فكل الأمور كانت تسير إلى تقهقر وتراجع حتى بدت كوة النور تخرج بعض الضوء عندما انتقل شرفات ككل إلى فكرة مؤداها أنه ملحق واحد وما يحتضنه لا يجب أن يشذ عن تلك القاعدة، حتى على المستوى الإخراجي، وهذا الأمر ربما أزعج القائمين على أقاصي والجسر ونون، دون أن يدركوا جميعا أن الوحدة الجمالية تقتضي أن ينساقوا ضمن بناء واحد دون إخلال به، بناء لا تخرج منه النتوءات، مما سيساهم بشكل أو بآخر في إضفاء قوة على مواد الملاحق المصطنعة في داخله.
التحرك نحو التجديد جعل الملحق مقروءا ككل مجددا، ولم يفتته إلى جزئيات قابلة للفصل، وما بات في أقاصي منشورا، فهو أيضا في شرفات، والأمر إياه عند المحلقين المرفقين الآخرين.
كما أن نزعة التحرير المركزي لم يخول المشرفين على مواد المرفقات الثلاثة أن ينشروا ما هب ودب، دون أن تكون هناك رؤيا قائمة على البحث عن ما هو جيد للنشر ضمن نسق عام لا يخل بشرفات الكلي، وكما أنا وجود مادة صحفية تتمثل في قراءات الكتب والجماليات عموما، وإيجاد حوارات ثقافية، واستطلاعات صحفية جيدة، وإيجاد عمود تحرير وأخبار وعمود صحفي متوزع على الجميع، ساهم بكل تأكيد في صحوة شرفات، تلك الصحوة التي بكل تأكيد ستسهم بشكل أو بآخر في جعل أقاصي المرفق مادة ثقافية جيدة وقابلة للاحتفاظ.
كل ما أتمناه هو إيجاد صحفيين ثقافيين، قادرين على أن يقدموا مادة صحفية ذات طابع ثقافي مميز، وليسوا مجرد موظفين قائمين على جمع مواد لا تمثل في حقيقتها إلا أقل من الثلث في العمل الصحفي الثقافي..
وفي كل الأحوال تنبغي كلمة شكر لمن فكر في التطوير، ولمن ما زال يساهم في دعم هذا الملحق، وبالطبع فالشكر الأكبر لمن بادر يوما بصناعة ملحق يضفي حراكا ثقافيا مميزا في ساحة تفتقر إلى أقل الأشياء: وعي المثقف بطبيعة دوره في المجتمع، ومؤسسة ثقافية حقيقية!
في هكذا مناخ نشأ تراجع هائل لملحق شرفات الذي كان الاسم الثاني من بعد مجلة نزوى يرتفع في كلام متابعي الثقافة من الخليج إلى المحيط ومن المحيط إلى الخليج (هذه النقطة بالذات ليست إدعاء زائفا وإنما حقيقة يمكن لمن يشكك بها أن يذهب للسؤال بين كثير من أوساط المثقفين العرب)
سبب هذا التراجع كما ذكرت، هو ذلك الانصراف المدهش والكبير لمن كانوا يكتبون في الملحق، أسماء لها رصيدها الإبداعي وثقلها الثقافي، ممن يتضايق البعض الآن من ذكرها حتى ضمن مقال عابر كهذا المقال، والذي لا أريد له شطبا من الوهلة الأولى بذكر تلك الأسماء الفاعلة، لأن أحدنا ليس بمقدوره إلا الإنصات لصوته الداخلي فحسب، ويظن كل الظن بأن الصوت الآخر ما دام مفتتا لفكرته هو، ونافيا لها ومضادا كبيرا لها، فإنه خطر ينبغي تجنبه وعدم ذكره (هذه ليست إشكالية ثقافية حاضرة عند مثقفينا الأعزاء أو من هم أنصاف مثقفين متحكمون على نحو أو آخر في ما ينبغي قوله أو ما لا ينبغي في الواجهة الإعلامية أيما كانت بل هي حالة موجودة في كل المجتمعات العربية، حيث ينزوي المثقف متخليا عن أدواره مكتفيا بالتزمت والتذمر وإبداء الحزن على وضعية مجتمع ضائع والتي يبددها بالدخول في أجواء السكر والشراب)
أيضا فإن الأمور المادية التي تم تقليصها عن البعض وسحبها من البعض الآخر، والمماطلة فيها وكأنما هذا الكاتب الذي يقدم كتاباته للملحق ليس عليه سوى أن يكتب دون أن ينتظر أجرا، وعندما يسأل يشار إليه بأنه مثقف مادي! ويتناسى المحرر المحاسب بأن الكاتب أيضا يجتهد في الكتابة من أجل يخص الملحق بمادة له وحده دون غيره، وبأن يساهم في رفع قيمة الجريدة التي تبحث عن إعلانات لكي تعيش هي الأخرى والتي لا تأتي إلا من خلال طرح مواضيع تجذب القارئ ومن خلال أسماء كتاب لهم جمهورهم الذي لن يتوانى في البحث عن الجريدة والقراءة لمن يحبه من الكتاب (هذه النظرية تبدو مفقودة في الإعلام العماني، فحتى المعلنون لا يفكرون هكذا بمقدار فكرتهم بأن كثيرا من إعلاناتهم هي دعم للجريدة وأيضا ابتعاد عن الألسن الصحفية!)
كذلك عدم وجود محرر ثقافي عارف بالعمل الصحفي وممارس جيد له وقادر على التعاطي مع مختلف الأوجه الثقافية والأطياف الكتابية دون انحياز لأحد دون الآخر، ودون تكاسل في العمل الصحفي، جعل من المحلق أيضا يتراجع تراجعا جعله يصبح كل أربعاء بلا أهمية واعتياديا أكثر من أي ملحق صحفي معني بالثقافة ينشر في الصحف الأخرى، بل إن المادة التي تنشر فيه في كثير منها تبدو أقل من مستوى صفحة بريد القراء، التي تهتم بدعم المحاولات الكتابية في طورها الأول وتدعم أولئك القراء الذين لا يفكرون سوى في إبداء الرأي في أمر ما، وفي حالات غالبة لا يسعى هؤلاء القراء العاديون لتطوير ما قد يبدو ملكات كتابية جيدة، ولا حتى محرر الصفحة إياها يعمل على دعمهم وتشجيعهم بكلمة قد تكون هي البارقة التي يحتاجها ذلك القارئ الكاتب العادي.
ونحن هنا لسنا في صدد الحديث عن مثل هذه الصفحة، بل كان مجرد تشبيه أعتذر مسبقا عن طرحه لكافة القراء العاديين، أعتذر عن مقولة أن ملحقا ثقافيا موجها للنخبة يتحول تدريجيا إلى ما يشبه صفحات بريد القراء!
هكذا تحول شرفات في نهايات العام الثقافي إلى ملحق ضعيف في مادته الثقافية وليس به محتوى صحفي ثقافي كالحوار والاستطلاع وقراءات الكتب والبحث وراء جماليات الأشياء (حتى في البدايات وإلى تلك اللحظة بدت هذه الاشتغالات الصحفية غير موجودة في المجمل، وهي كذلك لسبب يبدو جيدا، وهو جعل الملحق منبرا للمثقف العماني الذي لم يكن يجد أي منبر للنشر الثقافي الرصين، وأيضا يبدو عدم وجود كادر تحريري ثقافي مؤهل سببا واضحا لتلك القطيعة مع فنون صحافية يحتاجها ملحق كشرفات)
أنا شخصيا لم أعد متابعا جيدا للملحق، بل إنني تخليت عن تلك العادة: عادة أرشفة كل الأعداد في ملف خاص بها، والتي بدأت مذ كان محلق شرفات ملحق عمان الثقافي، مذ عام 1997م تحديدا، عندما كان يصدر كل خميس، ثم مع في بدايات الألفية الجديدة أصبح يصدر كل أربعاء، ثم حل الملحق الجميل شرفات ليكون شرفة ثقافية لا تطل على عمان فحسب بل على كثير من البلدان العربية.
في تلك اللحظات أيضا ظهر إلى الوجود هذا الملحق: أقاصي، وكانت النكتة: ملحق داخل ملحق وهي حالة لأول مرة تحدث في اشتغال صحفي!
لكن لم يكن من مانع ما دام المحلق الداخلي سيجعل من الملحق الكلي ملحقا ثقافيا جيدا بعدما توالت انكساراته في عام يفترض أنه عام ثقافي.. بل إن الجميل حقا هو أنه كان سيورد نصوصا قصصية وسردية، وحوارات صحفية، واستطلاعات وانتقاءات أدبية، وأخبارا معنية بالقاصين العمانيين، بشؤونهم وإبداعهم، وكذلك كان سيورد مقالات تبدو نقدية تسلط الإضاءة على تلك الإبداعات التي ينتجها القاصون وينشرونها!
كان يمكن أن يكون ذلك، ولكن واقعا كان أقاصي الملحق الداخلي يعاني في غالب الأحوال من ضعف مادته الثقافية، بل بكونه ملحقا ضمن ملحق كان يزيد من كمية سوء الملحق الكلي: شرفات، الذي يمر بأسوأ أيامه!
أقاصي كان يمكن له كملحق مختص أن يقدم شيئا مختلفا في الحراك الثقافي الصحفي، ولعل فرصته كانت في تقبل شرفات الملحق الكلي لصياغتين أخريين: الجسر ومن ثم نون، ملحقان داخليان أيضا، كان يمكن بوجودهما أن يظهر أقاصي بشكل أكثر قوة، وكذلك الملحق الكلي شرفات، ولكن الضعف العام الذي أيضا كان يساور الملحقين الإضافيين الجديدين، جعل سمة الضعف متلازمة للكل، وكأنما الحسنة تخص والسيئة تعم!
الكلام السابق لا ينفي أن الملاحق الثلاثة الداخلية كانت تشكل حالة صحفية جيدة في فكرتها العامة، وتقدم في كثير من الأحوال مادة ثقافية لا تقل جودة عما كان ينشر في شرفات الملحق الأصل قبل عدة أعوام، غير إن عدم وجود الدربة الصحفية والتفرغ الكافي جعل منها ملاحق تساهم بشكل أو بآخر في صنع ضعف عام، سيما في ظل الفكرة المستمرة إياها: ملحق داخل ملحق، وشكل داخل شكل!
هذا في حال التجزيء، لكن إذا ما نظرنا إلى الأمر بكلية، إلى شرفات على أساس أنه الملحق الأشمل الذي يمكن له أن يحتوي داخله ما يشاء من "ملاحق" ثقافية تقدم مادة جيدة، لقلت أيضا بأنه عموما ملحق مصاب بالضعف، ليس لأنه فقد بريق أسمائه التي كانت تكتب فيه فحسب، بل أيضا لضعف المستوى التحريري فيه، والاكتفاء في مرحلة معينة بالمقالات والنصوص فقط دون إضفاء صيغة تحريرية تمارس عمقا في الطرح، وتحاول أن تماشي تلك المقالات المطروحة، والتي على ما يبدو كان همها أن تعبئ الصفحات الفارغة فقط، سيما عندما يكون العدد فارغا من أحد الملاحق الداخلية الثلاثة.
ضعف الإخراج الصحفي، وافتقاره للجماليات الفنية الحقيقية جعل الأمور تزداد سوءا وضعفا سواء من حيث الإخراج العام، أو من حيث استقلالية الملاحق الداخلية الثلاثة في صيغتها الإخراجية محاولة الخروج من ربقة شرفات وإيجاد كينونة خاصة بها.
وكما أعرف أن الإخراج الصحفي ضرورة ملحة من أجل جذب القارئ للمادة، حتى إن افترضنا أن تلك المادة ضعيفة المستوى، فالمهم هو الشكل العام قبلا، والناس لا تقرأ المادة بل يجذبها الشكل المتناسق قبل كل شيء كما أفترض، وعلى الأقل هذه وجهة نظري.
إذن فكل الأمور كانت تسير إلى تقهقر وتراجع حتى بدت كوة النور تخرج بعض الضوء عندما انتقل شرفات ككل إلى فكرة مؤداها أنه ملحق واحد وما يحتضنه لا يجب أن يشذ عن تلك القاعدة، حتى على المستوى الإخراجي، وهذا الأمر ربما أزعج القائمين على أقاصي والجسر ونون، دون أن يدركوا جميعا أن الوحدة الجمالية تقتضي أن ينساقوا ضمن بناء واحد دون إخلال به، بناء لا تخرج منه النتوءات، مما سيساهم بشكل أو بآخر في إضفاء قوة على مواد الملاحق المصطنعة في داخله.
التحرك نحو التجديد جعل الملحق مقروءا ككل مجددا، ولم يفتته إلى جزئيات قابلة للفصل، وما بات في أقاصي منشورا، فهو أيضا في شرفات، والأمر إياه عند المحلقين المرفقين الآخرين.
كما أن نزعة التحرير المركزي لم يخول المشرفين على مواد المرفقات الثلاثة أن ينشروا ما هب ودب، دون أن تكون هناك رؤيا قائمة على البحث عن ما هو جيد للنشر ضمن نسق عام لا يخل بشرفات الكلي، وكما أنا وجود مادة صحفية تتمثل في قراءات الكتب والجماليات عموما، وإيجاد حوارات ثقافية، واستطلاعات صحفية جيدة، وإيجاد عمود تحرير وأخبار وعمود صحفي متوزع على الجميع، ساهم بكل تأكيد في صحوة شرفات، تلك الصحوة التي بكل تأكيد ستسهم بشكل أو بآخر في جعل أقاصي المرفق مادة ثقافية جيدة وقابلة للاحتفاظ.
كل ما أتمناه هو إيجاد صحفيين ثقافيين، قادرين على أن يقدموا مادة صحفية ذات طابع ثقافي مميز، وليسوا مجرد موظفين قائمين على جمع مواد لا تمثل في حقيقتها إلا أقل من الثلث في العمل الصحفي الثقافي..
وفي كل الأحوال تنبغي كلمة شكر لمن فكر في التطوير، ولمن ما زال يساهم في دعم هذا الملحق، وبالطبع فالشكر الأكبر لمن بادر يوما بصناعة ملحق يضفي حراكا ثقافيا مميزا في ساحة تفتقر إلى أقل الأشياء: وعي المثقف بطبيعة دوره في المجتمع، ومؤسسة ثقافية حقيقية!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق