دبي لم تعد واحدة منا
دبي باتت تمثل نمطا مختلفا في المنطقة، والكل ينظر إليها بترقب بعد الأزمة..
في المشاوير الأخيرة تشعر فعلا أنها بدأت مرحلة توديع حياتها الصاخبة المزدحمة، فالإشاعات والكلام كثير حول هرب الأجانب منها إلى مدنهم الأصلية.
لكن بعيدا عن كل ذلك تظل دبي مدينة ناتئة في خصر الخليج، فهي تبرأت من كل ما يمت لها بصلة بالعالم السابق، واشترت لنفسها مكانة بين مدن العالم الحديثة، وكأن أصحابها آل مكتوم يريدون أن يواصلوا مشروع محمد علي في مصر الذي أراد لمصر أن تكون قطعة من أوروبا وأكمله أبناؤه من بعده، حتى وقعت مصر كاملة في الفخ، فخ الاحتلال والديون..
دبي اليوم مديونة بشكل يفوق ميزانيات بلدان بأكملها، وبرغم ذلك فالحياة تستمر، والمشاريع تتواصل، حتى وإن تقلصت وتوقفت فليس من الجرأة في شيء ولا من البطولة والقوة أن تتمظهر المدينة بأنها لا تعاني أزمة، والعالم كله من حولها ينهار جراء الرهن العقاري وأزمة المال والسوق الراكدة..
دبي أيضا تعاني لأنها ميناء حر، ولأنها اعتمدت بشكل هائل على فلسفة الرهن العقاري، فأغلب مشاريع الإمارة الصغيرة تنطلق من العقارات وبالتحديد تلك المشاريع الغريبة كزراعة البحر والجو!!
ولأنها كذلك توقفت بعض تلك المشاريع حتى البرج الكبير تم إيقافه مؤقتا حتى يتم تأمين السيولة المالية الكافية والتي تضاعفت في فترة الغلاء إلى أرقام لا تصدق!
والكلام كثير عن مشاريع استراتيجية كطيران الإمارات الذي يعد الأول في العالم، وشركة إعمار وبرج العرب من أن آخرين قد أصبحت لهم أذرعة واصلة فيها (هذا ما نفاه محمد بن راشد آل مكتوم، صاحب الرؤية التي أوصلت دبي إلى ما أوصلتها إليه)
غير إنه كلام، لا نعلم مدى مصداقيته ومدى الكذب فيه..
يظل أن دبي اختلفت ولم تعد كالبقية، حتى لو غرقت في الديون، وانسلخت تماما عن جلد المدن المجاورة لها، وهذه هي ميزتها التي قد تجذبني إليها.. في الحقيقة أنا لا أحب مدنا بشكل دبي، برغم أنني سأرتادها، مدني المفضلة على شاكلة مسقط لو استطاعت أن تعود إلى هدوئها، وتلغي الزحام المستشري في جسدها جراء وجود شارع وحيد فقط، مدن بمقاس بيروت التي تشم فيها رائحة تنطلق من ماض جميل، وعبق الجمال يحف بك لتصل إلى سماء ليست كبقية السموات، مدن كالقاهرة، أو برلين!
أما دبي فهي نمط السرعة، مدن هشة بلا روح، تمشي فيها سريعا فقط لكي تؤكد لنفسك أنك تعيش الحاضر والمستقبل، وبأنك لا تفقد شيئا من الشكل الحديث للحياة، لا أكثر ولا أقل! والجميل أن تزورها مع رفقتك للضحك وليس للاستجمام، فالاستجمام ليس في الناطحات الطويلة ولا في المجمعات الضخمة أو في الشوارع الساخنة المزدحمة، هكذا يمكن لك أن تمضي وقتا جيدا في مدينة كهذه...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق