الاثنين، 12 يناير 2009

إلى فلسطين خذوني




أي الكلمات الآن ذات نفع؟


هكذا يطن السؤال في رأسي وأنا أكتب هذه السطور..


طوال الأيام الماضية كانت الحياة تمشي كما ينبغي، لا شيء جديد، سوى حرب قاتمة لا لون لها إلا الموت، وسوى مباريات سخيفة، وإعلام أسخف سواء السياسي منه أو الرياضي المسيس الذي وضح في نبرة الكلام البذيء الذي تصدر القنوات الرياضية قبيل انطلاق البطولة التعيسة..


وعلى ذكر البطولة أجد أننا اليوم صرنا أكثر بطولة في نسج المظاهرات والمسيرات المتضامنة مع غزة وشهدائها، وبتنا نعلق على صدورنا في الأوقات العادية العلم الذي لا يمثل دولة متحققة، وفي وقت المباراة نقول: قلوبنا مع المنتخب وعيوننا تدمع لغزة!!! ونلف أنفسنا بأعلام الوطن الصغير وننسى القتلى والجوعى والمشردين من دمنا في الوطن الكبير


وقتها أسأل نفسي: هل هكذا نسند الشهداء في رحلتهم الفارقة بين الحياة والموت إلى الجنة؟ هل بجملة " عيوننا تدمع لغزة" أكون قد تضامنت مع غزة؟


ويطن سؤال أكبر، عندما انتهى المنتخب من وليمته البحرينية وفاز على أقرب أشقائه بالثنائية، فعمت البلاد مسيرات الفرح المبارك طوال الليل المهيأ للنوم: إذا كنا متضامنين مع غزة ومع الشعب العربي في غزة وفلسطين، ألا يفترض بنا أن ننضمن مسيرات ضخمة كهذه؟ ألا يفترض بنا أن نحس بالآخرين، ونجعل أفراحنا السخيفة في قلوبنا لأن أخوة لنا في مكان ما يقتلون ويذبحون ويعذبون؟


لا أجد إجابة


كنت يائسا ومحبطا ولا أريد أن أفعل شيئا سوى الانصات للحلم العربي الذي لن يقوم وللضمير العربي الذي لن يفيق على ما يبدو، وأبكي في داخلي وأحاول أن أكتب قصة ما، شيئا ما أعبر فيه عن هذا القنوط الذي اعتراني، ولا أجد


ماذا يمكن أن أكتب في لحظة فارقة كهذه؟


لقد عشت كل هذا الزمن السيء، عشت كل النكبات الحديثة وفي كل مرة يتأكد لي بأن ما مضى كان أفضل بكثير، وبأن كرامتنا هدرت في لحظة فارقة من تاريخنا التعيس هذا، ولم يعد لدمنا لزوم، وبتنا كلابا وجب التخلص منها.


تاريخ لا يذكر إلا بالخزي والعار مذ أن قررنا أن نتقاتل فيما بيننا، مذ أغسطس 1990 ومرورا بكل التواريخ السيئة: مايو 1996م، ديسيمر 1998م، سبتمبر 2000م، مارس 2003م، وليس انتهاء بهذا التاريخ القبيح


فهل عادت الكتابة مجدية؟ هل عاد الكلام نافعا؟


سأتذكر نهاية مسلسل التغريبة الفلسطينية للمبدع الجميل حاتم عالي، وهو يحلم كما أحلم الآن بأن أعود إلى تلك البندقية التي دفناها، التي دفنها الثوريون الحقيقيون للأجيال القادمة، التي خبأوها لنا من أجل لحظة فارقة، فأحملها وأعيد تعميرها بالذخيرة، وأقاتل


نعم القتال هو الحل، ولا شيء آخر


قتال باليد، بالعقل، بالعلم، بالوحدة


ولا شيء آخر


لا شيء


مطلقا


سوى طلقة بندقية




أصبح عندي الآن بندقية


إلى فلسطين خذوني


.


.


.


إلى


ف


ل


س


ط


ي


ن


خذوني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق