السبت، 8 نوفمبر 2008

سذاجة


أما بعد،،
فقد أخبرني أحد ناقلي الأخبار الذي يضاهون جهينة في الخبر اليقين، أخبروني أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي أعلن عن فوزه بفارق كبير نهاية الأسبوع المنصرم، هو من أهل عمان طيبي الذكر، وبالتحديد من البريمي، وقد ساقت أهله الظروف إلى الرحيل والغربة حتى استوطنوا كينيا ومنها في القرن العشرين إلى أمريكا حيث لمع اسمع بارك أوباما حسين أو حسين أبو عمامة كما ذكر بعضهم!
وقد هلل ناقل الخبر وقال بأن هذا الرجل طيب وسيحل مشاكلنا الحالية مع إسرائيل ولن يكون متحيزا وبكل تأكيد سيخرج من العراق وسيحرر القدس الشريف من التدنيس المتواصل، وتذكر جهينة العماني بأن هتلر الألماني كان يمكن أن يفعل الفعل إياه، فهو مسلم مؤمن ولكن الظروف خانته والمؤامرة كانت كبيرة عليه لدرجة أنهم لم يجدوا جثته بعدما تكالبوا عليه وقتلوه!! ولذا فشل العرب في أن يستعيدوا القدس وفلسطين، وعاشوا سنوات تحت نير الاحتلال، وبات هو ذكرى لا يمكن تذكرها إلا بالسوء لأن إسلامه كان خفيا، ولولا اليهود القساة القتلة الملاعين لما طويت تلك الصفحة من تاريخ ذلك الإمام الطيب!
وواصل الرجل يقول بأن باراك أوباما سينجح فيما لم ينجح هتلر فيه، وسيحرر العرب من كل المآسي التي يعيشونها، وبكل تأكيد سيكون للعمانيين دور بارز في ذلك كما كان لهم في تاريخ العرب القديم دورهم البارز الذي سجل نقاطا مضيئة ما زالت نياشين تعلق في جبهة كل عماني.
لقد رحل أجداد أوباما إلى كينيا التي كانت هي وأجزاء كبيرة من شرق أفريقيا ذات صلة قربى حميمة بالوطن العماني الأخضر، ومع تغير مجريات الأحداث في العالم، والوهن الذي أصاب بلاد العرب وفقدان صلة القربى والرحم نسي الجميع تلك الحكاية، ونسي أوباما ذاته أصوله العمانية البريمية الموغلة في القدم!
وهز رأسه متحسرا على ذلك الماضي البعيد الجميل، حتى قلت له: لكنني سمعت يا جهينة بأن باراك أوباما كانت أصوله من بدية، وبعضهم أكد أن له أهلا في إبراء بالمنطقة الشرقية، وقد أقسم لي بذلك الذي نقل لي هذه المعلومة وحلف بأنه صادق وإن كان غير ذلك سيطلق امرأته، فلم أشأ أن أطلب منه أن يدلني على أقارب باراك في الشرقية لكي لا يتورط فيطلق زوجته والتي من أجل أن يتزوجها دفع الغالي والنفيس وأصبح مدينا للبنك يدعو ليل نهار بأن يعلن إفلاسه جراء الأزمة المالية العالمية فتسقط ديونه الكثيرة! كما لم أشأ أن أقول له بعد أن سمعته يدعو على البنك بأن الرئيس الجديد لأمريكا سيسعى أول ما يسعى له أن يحل الأزمة المالية التي بدأت من أمريكا وانتقلت إلى العالم كله كوباء زكام الطيور والدجاج التي لم يعد يأكلها بعد تلك الموجة الضخمة من الوفيات والإعدامات للطيور والدواجن! وبأن بنوكنا ومؤسساتنا المالية حتى وإن كانت تعاني فإنها لن تعلن للناس بذلك فالناس يكفيها ما أصاحبها جراء الغلاء الفاحش وعدم قدرتهم على العيش بمستوياتهم المادية التي لم تعد متناسبة كما كانت قبل خمس سنين!
والحقيقة أنني ركنت إلى تصديق الجهينين الإخباريين، وقلت في نفسي: صحيح ربما كان باراك عمانيا! وما الضير في ذلك فكينيا فرحت وذبحت الأبقار ونحن إن كان صحيحا الخبر علينا أن نفرح مرتين: مرة لأنه أصوله عربية مسلمة، ومرة لأنن نوشك أن نحكم العالم فنصحح الأخطاء الكثيرة فيه!لكن الأخبار التي كانت تنقلها الجزيرة والعربية والحرة وصحف الشرق الأوسط والحياة والقدس العربي والوطن وعمان والشبيبة والزمن قالت بأنه سيعين كبير موظفي البيت الأبيض أبوه كان قتل كما من العرب الفلسطينيين قبل أن يهاجر في الستينيات إلى أمريكا، فأفقت من الأحلام واكتشفت كم نحن نعيش في السذاجة!

الأربعاء، 5 نوفمبر 2008

للعرض فقط


أما بعد،،،
فقد ذهل الكاتب مؤخرا عندما زار معرض الشارقة للكتاب ولم يجد كتبه الثلاثة التي تكفلت وزارة أشغال الكتاب والمثقفين وصون حقوقهم بإصدارها ضمن مشاريعها التي لا تعد ولا تحصى! وأصابته نوبة هستيرية جراء ذلك، مما استدعاه للاتصال بالوزارة والتحدث إلى المسئول الأول عن الإصدارات الحديثة الذي قال له: يا أخي تراكم هلكتونا يا المثقفين! ما عاجبنكم إنا ما طبعنا حالكم أو كرّمناكم، ويوم طبعنا لكم مسوي كل ها الحشرة، حال موه؟ حال كمين كتاب ما توكل عيش! يا أخي اهتم بقضايا البلد الحقيقية وأزمة المال في العالم وخليكم من القصص والروايات اللي ما توكل لا عنب الشام ولا بلح اليمن!
عندها ارتفع الدم إلى أعلى منسوب في رأس الكاتب وقرر أن يتصل بالمسئول الأكبر في الوزارة وأخبره بما رآه في معرض الشارقة للكتاب وكيف أن كتبه لم يتم عرضها مطلقا ولا كتب زملائه عدا عدة كتب ربما جاءت بالمصادفة، فأجابه المسئول الأعلى بأن هذا يحدث أحيانا، فأنت تعرف يا أخي بأن العاملين في المخازن هم أناس غير معنيين بالكتابة والكتب، والذين يقومون على مثل هذه المشاركات هم أناس لا يهتمون لمن هذا الكتاب أو ذاك، ثم وعده أن هذا لن يتكرر في المعرض القادم! فقال له الكاتب: كل مرة تقولون هذا ويتكرر الأمر! ورد المسئول الذي كان يلعب في ساعته الجديدة التي أهدته إياها زوجته: يا أخي تحملنا قليلا، ثم إيش فيها إذا كتابك ما موجود؟ المرة الجاية بيكون موجود! ثم باغته بالقول: وأرجو الاتصال بالجماعة عشان هذا الموضوع واعذرني أنا داخل اجتماع الحين!
أوشك لحظتها الكاتب على البكاء، وتذكر، وهو في ردهة ذلك المعرض وأمام ركن الوزارة والعمانيون الذين تجسموا المسافات من أجل معرض الشارقة يمرون حوله مبتسمين فرحين بالمعرض الكبير، تذكر يوم اتصلوا به من الوزارة في عام 2006م من أجل أن يقوموا بنشر بعض من مخطوطات كتبه التي أعياه أصحاب دور النشر العربية الكبيرة والصغيرة فيها فلم يأخذ لا حقا ولا باطلا منهم وهم كانوا يأخذون كل الحق وكل الباطل من وراء اسمه وكتبه التي تتصدر قائمة المبيعات! وبعد عرض مغر بأن يكافئوه بمبلغ ممتاز وبترويج متميز لإصداراته مع الإصدارات الأخرى، وبأنهم سيقومون بتوزيعه في منافذ بيع الكتب وفي المعارض وسيعطونه عدد ثلاثمائة نسخة من كل إصدار، وافق خاصة بعد مكالمة طويلة مع زميله الكاتب الآخر الذي شجعه على هذا قائلا له بأننا لا يجب أن نكون سلبيين ونساهم مساهمة جيدة في دعم الوزارة على اتخاذ موقف إيجابي من الكتاب والمثقفين لنكون جسدا واحدا يسعى إلى خير البلد من الناحية الثقافية، وهذا المشروع سيكون رافدا جيدا لذلك الخير الوفير بإذن الله! ساعتها فقط قدم الكاتب مشروعاته الكتابية، وانتقى ثلاث مخطوطات جاهزة للنشر وسلمها الشخص المسئول في الوزارة وانتظر..مر شهر وهو ينتظر وقيل له بأن اللجنة ما تزال تنظر في الإصدارات وإمكانية نشرها! وتساءل هو: ألست كاتبا لي اسمي في البلاد وفي خارج البلاد؟ فأجابوه بأن هذا هو المتبع واللجنة لن تقصر بإذن الله وهي عارفة بقدرك ومستواك في الكتابة! فتغاضى يحركه في ذلك أمران: المكافأة الموعود بها، وكسر الجليد بين المثقفين والوزارة! ومرت ستة أشهر ولم يحدث شيء برغم مكالمة لطيفة أخبروه فيها بالموافقة، ولكن الرقابة ما زالت تقرأ الكتب، فتساءل مجددا: هل هناك من أحد في الرقابة يعي ما نكتب؟ وأجابوه: إنه النظام يا أخي الكاتب! ومرت سنة وعندما سأل أصدقاء له عن هذا الأمر قالوا له بأنها مسألة إجراءات مالية، وتساءل: كل هذا الوقت؟ وأجابوه: هكذا تجري الأمور! والأمور جرت كما رتب لها من قبل: فأخذ خمسمائة ريال مكافأة وقيل له توجه للمطبعة لتتابع كتابك وبعد سنة أخرى من المتابعة خرج الكتاب إلى النور وعرف عن طريق أحد أصدقائه بذلك دون أن يتصل به أحد، وأخبره الصديق بأن معرض الشارقة قريب ولابد أنهم سيعرضون الكتاب هناك بعدما لم يعرضوه في أبو ظبي أو بيروت أو القاهرة أو الرياض، لكن ذلك لم يحدث مطلقا وما حدث هو عرض بعض الإصدارات السابقة على إصداراته وهي كانت معروضة فقط لا أكثر ولا أقل!!

السبت، 1 نوفمبر 2008

العماني المصطنع


أما بعد،،،
فإني لأتساءل: هل من المجدي بأي حال من الأحوال أن يسعى الإنسان إلى امتلاك المال؟ أن يجعله هو المبتغى الذي لابد أن يكيف كل ظروفه من أجل الوصول إليه؟ أم أن المال وسيلة جيدة للرقي بأنفسنا والوصول إلى منطقة حضارية جيدة؟
لكن ما لنا وما للمناطق الحضارية؟ نحن لا نهتم بهذا الجانب، وإنما المتعة الحقيقية هي أن يكون لدينا رأس مال قوي، بالأحرى أن تكون لدينا خزينة مال كبيرة ومتسعة وهذا الأمر يذكرني بمسلسل كرتوني عن شخصية (دك) البطة الذي لديه برج هو عبارة عن خزنة كبرى يضع فيه ماله الوفير فيما الذين حوله يحاولون السطو عليه وسرقته، ومال البخيل يروح حال العيار! كما يقول العمانيون!! والعمانيون ليسوا فقراء كما كنت أعتقد، واعتقادي كان يستند على رؤية وضع موجود أو بالأحرى على شكوى يتناقلها الناس بأن الفقر منتشر في بلادنا، وبأن حكومتنا الرشيدة لا تحاول أن تسند ظهر هذا الفقير، ولكن كما يشير أحدهم في مقالات متواصلة له بأن الاستغراب يعلوه عندما يشاهد كم التكدس على المجمعات التجارية وموجات الشراء الضخمة التي يقوم بها الناس والتي بكل حال من الأحوال لا تعكس حال الفقر بل القدرة الشرائية الفائقة حتى وإن كانت قدرة مزيفة!
ومع ذلك تتواصل الشكوى ليس من الفقراء القادرين على الشراء بل من أصحاب المال الذين يكتنزون المال ولا يسعون إلى استثماره وتحريكه، والذين كلما أتيحت لهم فرصة محلية أو عالمية قاموا بفرض عنجهيتهم بدعوى أنهم يحاولون التكسب من أجل أنفسهم وأبنائهم، لأن كل شيء ارتفع، ويتناسون أنهم سبب التضخم لا أمريكا ولا سواها.
ويا ليتهم قد عرفوا حق المال، فأسرعوا لاستغلال البيئة التجارية المناسبة والقوانين التي تيسر إلى حد بعيد إقامة المشاريع الاستثمارية الجيدة التي تخدم الناس وتغنيهم هم وتزيد في مالهم الراكد! لكنهم لا يفكرون في غالبهم بمسألة المغامرة التجارية ويفضلون الارتكان إلى الربح السريع والمريح وتخزين ما يأتي خوفا من غد مظلم لا تبدو له نهاية، ولا يوقنون بأي حال من الأحوال بأن الغد المظلم سيأتي إن كان التفكير يمشي بهذه السطحية.
ما يؤسف له أيضا أنهم لا يريدون أن يرى الله أثر نعمته على عبده، وعندما تقول لهم: اصرفوا مالكم على أنفسكم على الأقل، قالوا لك بتواضع مصطنع: لا نريد أن نخرج عن بساطتنا! وألا نجرح من ليس مالكا مثلهم!!
ألا يفكر أحدهم أنهم يكذبون على أنفسهم؟ ألا يكتشفون أنها بساطة كاذبة وبأن العمانيين البسطاء الزاهدين في الحياة وفي الدنيا ليسوا كذلك؟ ليسوا تماما كما يروجون عن أنفسهم، بل بهم مما لدى الآخرين من حب للحياة وحب للعيش في ملذاتها الكثيرة..
ولو كانوا كذلك لتشاركوا جميعا في الخير، ولسعى غنيهم إلى زحزحة فقر المساكين منهم وإيجاد بيئات مناسبة لهؤلاء كي يعيشوا فيها، ولما تبجحوا بالتواضع فيما الجار يئن جوعا لأن جاره الغني قرر أن يزيد في سعر الأرز والطحين لأنها أزمة عالمية!!