الثلاثاء، 13 يناير 2009

ريال واحد لا أكثر ولا أقل



بحسب آخر تعداد أقيم لنا نحن العمانيين وصل عددنا إلى مليونيين وثلاثمائة ألف
لو أن كل واحد من هؤلاء أخرج من جيبه ريالا واحدا فقط، ريالا لا أكثر ولا أقل، ووضعه في حساب شهداء غزة وأطفالها العظام، طيور الجنة، ألن يكون بذلك ساهم وبشكل حقيقي وملموس في جعل جنة الشهيد جنة خضراء يذكرنا فيها بأنا لم ننسه؟! ألن يساهم في رسم بسمة على وجوه الأطفال؟ ألن يكون ستر أخته المسلمة العربية وساندها في فقدها المر؟
فكروا قليلا:
نحن نذهب إلى السيتي سنتر ونشرب القهوة في ستاربوكس وندفع ثلاثة ريالات وأكثر
نحن نذهب إلى ماك أو كنتاكي أو بيتزا ونشتري وجبة لأطفالنا بقيمة تزيد عن الثلاثة ريالات
نذهب كل أسبوع تقريبا إلى سيتي سينما ونتابع فيلما أمريكيا عن البطولة قيمة الدخول إليه ثلاثة ريالات
نخطط لرحلة صيفية إلى تايلند أو ماليزيا أو تركيا وندفع أكثر من ثلاثمائة ريال لتذكرة بغية الترفيه
نشتري كل أسبوع من دجاج الصفاء أو ظفار أو أرياف لقوت يومنا ونمر على مصطبة الأسماك ونطلب الهامور والكنعد والشعري والمبلغ يزيد عن عشرة ريالات
نشتري في الشتاء الجح والشمام والكمثرا والفاتورة تزيد عن الريال بكل حال من الأحوال
وبعضكم يذهب إلى محلات الصحة والمساج لتلمسه فاتنة من الفاتنات ويدفع كثيرا!!

لا أقول لكم قاطعوا
فقط أخرجوا ريالا واحدا، ريالا لا أكثر، فلا صلواتكم تجدي ولا دعاءكم.. غزة لا تحتاج للصلاة والكلام، وفلسطين لا تحتاج إلى الدموع، إنهم يحتاجون ليد تمتد بالعطاء، وريال واحد من كل واحد منا سيعني ثلاثة ملايين ريال ويزيد تكفي لشراء دواء على أقل تقدير



إذن يا أيها العمانيون
أخرجوا ريالا لن يضيركم أن تنفقوه في أجمل قضاياكم
وكفاكم دموعا
كفاكم مسيرات عمياء
كفاكم شعارات رنانة

فإذا كانت ستاربوكس وكل المحلات الأمريكية اليهودية تخصص جزءا من ربحها لقضيتهم التي يؤمنون فيها أشد الإيمان، فأنتم لستم أقل منهم
هل أنتم أقل منهم؟؟

الاثنين، 12 يناير 2009

إلى فلسطين خذوني




أي الكلمات الآن ذات نفع؟


هكذا يطن السؤال في رأسي وأنا أكتب هذه السطور..


طوال الأيام الماضية كانت الحياة تمشي كما ينبغي، لا شيء جديد، سوى حرب قاتمة لا لون لها إلا الموت، وسوى مباريات سخيفة، وإعلام أسخف سواء السياسي منه أو الرياضي المسيس الذي وضح في نبرة الكلام البذيء الذي تصدر القنوات الرياضية قبيل انطلاق البطولة التعيسة..


وعلى ذكر البطولة أجد أننا اليوم صرنا أكثر بطولة في نسج المظاهرات والمسيرات المتضامنة مع غزة وشهدائها، وبتنا نعلق على صدورنا في الأوقات العادية العلم الذي لا يمثل دولة متحققة، وفي وقت المباراة نقول: قلوبنا مع المنتخب وعيوننا تدمع لغزة!!! ونلف أنفسنا بأعلام الوطن الصغير وننسى القتلى والجوعى والمشردين من دمنا في الوطن الكبير


وقتها أسأل نفسي: هل هكذا نسند الشهداء في رحلتهم الفارقة بين الحياة والموت إلى الجنة؟ هل بجملة " عيوننا تدمع لغزة" أكون قد تضامنت مع غزة؟


ويطن سؤال أكبر، عندما انتهى المنتخب من وليمته البحرينية وفاز على أقرب أشقائه بالثنائية، فعمت البلاد مسيرات الفرح المبارك طوال الليل المهيأ للنوم: إذا كنا متضامنين مع غزة ومع الشعب العربي في غزة وفلسطين، ألا يفترض بنا أن ننضمن مسيرات ضخمة كهذه؟ ألا يفترض بنا أن نحس بالآخرين، ونجعل أفراحنا السخيفة في قلوبنا لأن أخوة لنا في مكان ما يقتلون ويذبحون ويعذبون؟


لا أجد إجابة


كنت يائسا ومحبطا ولا أريد أن أفعل شيئا سوى الانصات للحلم العربي الذي لن يقوم وللضمير العربي الذي لن يفيق على ما يبدو، وأبكي في داخلي وأحاول أن أكتب قصة ما، شيئا ما أعبر فيه عن هذا القنوط الذي اعتراني، ولا أجد


ماذا يمكن أن أكتب في لحظة فارقة كهذه؟


لقد عشت كل هذا الزمن السيء، عشت كل النكبات الحديثة وفي كل مرة يتأكد لي بأن ما مضى كان أفضل بكثير، وبأن كرامتنا هدرت في لحظة فارقة من تاريخنا التعيس هذا، ولم يعد لدمنا لزوم، وبتنا كلابا وجب التخلص منها.


تاريخ لا يذكر إلا بالخزي والعار مذ أن قررنا أن نتقاتل فيما بيننا، مذ أغسطس 1990 ومرورا بكل التواريخ السيئة: مايو 1996م، ديسيمر 1998م، سبتمبر 2000م، مارس 2003م، وليس انتهاء بهذا التاريخ القبيح


فهل عادت الكتابة مجدية؟ هل عاد الكلام نافعا؟


سأتذكر نهاية مسلسل التغريبة الفلسطينية للمبدع الجميل حاتم عالي، وهو يحلم كما أحلم الآن بأن أعود إلى تلك البندقية التي دفناها، التي دفنها الثوريون الحقيقيون للأجيال القادمة، التي خبأوها لنا من أجل لحظة فارقة، فأحملها وأعيد تعميرها بالذخيرة، وأقاتل


نعم القتال هو الحل، ولا شيء آخر


قتال باليد، بالعقل، بالعلم، بالوحدة


ولا شيء آخر


لا شيء


مطلقا


سوى طلقة بندقية




أصبح عندي الآن بندقية


إلى فلسطين خذوني


.


.


.


إلى


ف


ل


س


ط


ي


ن


خذوني