النص مليء بالإسقاطات المباشرة والدلالات الواضحة والتهكم الصريح على الواقع المعاش
النص يخلط بين عدة أمور ويعمد إلى تعمية المكان والزمان بالنسبة للأحداث
فهو من ناحية يتحدث عن زمن تتحكم فيه آلهة عدة في إسقاطة مباشرة على تحكم مراكز قوى معاصرة بمقدرات الشعوب فيصبح هؤلاء الآلهة موضع سخرية الكاتب
ولكن الكاتب في مواقع أخرى عديدة يورد إشارات لغوية ووصفية وحدثية مباشرة تشير إلى المجتمع العماني مما يوقع اللبس والإساءة إلى عقائد المجتمع وعاداته!!!
ما سبق كان سبب عدم إجازة نص العراف الذي كتبه الصديق مالك المسلماني ليقدم في احتفالية ينظمها مجموعة شباب يحبون المسرح بمناسبة يوم المسرح العالمي بعيدا عن دعم المؤسسة الرسمية التي كان عليها أن تهتم بمثل هذا اليوم وتحتفل به كما كل دول العلم حتى أنجولا تحتفل به!
لقد منع النص وأجهض حلم العرض، لأنهم لا يريدون كما قالوا عرضا به إسقاطات على الواقع المعاش، وعليك يا صديقي مالك أن تكتب عن أزمة المواطن الأرجنتيني عندما لا يستطيع متابة مباراة كرة قدم بين منتخب بلاده ومنتخب البرازيل!
لا يريدون أن يكون هناك فن قادر على أن يستلهم مشاكل الأمة ويحاول طرحها بطريقة إبداعية دون إسفاف ودون إخلال، ولكنهم يريدون نصا مسطحا بلا قضية ولا هم، ولا وجع رأس!!
ويبدو أن قرصة مسؤول كبير تابع عرض دمدم لا علاقة له بالإبداع جعل مسؤولي الرقابة يترصدون بأي عمل قد يكتبه وينتجه هؤلاء الشباب، وما داموا قنعوا بمنع دمدم فإنهم لا محالة سيقنعون بمنع العراف من جذوره
وبعض هؤلاء الذين في الرقابة هم أعضاء لجنة تطوير المسرح والدراما التي أمر بها سلطان البلاد، والذي كما أتذكره كلما دخلت قاعة المؤتمرات بجامعة السلطان قابوس، بيت العلم والثقافة والمعرفة، حرضنا جميعا بمقولة ستظل خالدة ما بقينا أحياء، قال يومها: لا لمصادرة الفكر، مشيرا إلى أن هذه المصادرة هي من أكبر الكبائر التي يمكن أن تحدث
ويحدث الآن أن يأتي أناس يظنون أنهم يحمون المجتمع من الفساد، فيصادرون الفكر ويمنعون الناس من طرح رؤاهم وطرح إشكاليات مجتمعهم دون أن يثيروا فتنا ولا أن يحرضوا الناس على شيء إلا على إصلاح أمورهم الخاصة وتعرية مشاكلهم أمامهم بكل جلاء
وهكذا تحتفل مؤسساتنا الرسمية المعنية بالثقافة بيوم المسرح، هكذا تقيم له المهرجانات والمحاضرات وورش العمل وتهيؤ مبدعين ينافسون أقرانهم في بلاد العرب، هكذا تدعم الجهة المعنية الفن والإبداع، وتعمل على أن يكون المبدع العماني في أول أولوياتها...